انتشرت
الوجودية في العالم الإسلامي، وآمن بها بعض الشباب المثقف بالثقافة الغربية، وقد مهد لها انتشار وسائل الغزو الفكري، وضعف التربية الإسلامية والوعي الإسلامي، وكذلك التمرد وحب الظهور والمخالفة لدى الشباب.
والوجوديون في العالم الإسلامي ينفذون من ثغرة لا يفطن لها الناس كثيراً، وهي الأدب: (الرواية، الشعر، المسرح، النقد) وهذا يفسر لنا تحول كثير من أصحاب الفكر الشيوعي وما أشبهه إلى الكتابات الأدبية.
فالواقع أن الشيوعيين لم يتخلوا عن مذهبهم، ولكنهم اتجهوا إلى ما اتجه إليه (
سارتر ) نفسه، من المصالحة بينه وبين
الشيوعية في آخر حياته، ووجد أن شعاراتهم الثورية قد كسدت، وأن المجتمعات الإسلامية لا ترضى بأية فكرة إلحادية صريحة، فلجئوا إلى التستر بالأعمال الأدبية.
كما أنه قد تمخض عن تلاقح
الماركسية و
الوجودية وبعض المذاهب الأخرى ظهور فلسفة إلحادية جديدة، تسمى (
البنائية ) أو (
البنوية ) يتزعمها (
كلودليفي شتراس ) وهي لا تختلف عن
الوجودية في جوهرها وحقيقتها، ولكنها تدعي أنها أكثر منها شمولاً، وأعمق تحليلاً، ويزعم أنصارها أنها (فلسفة المستقبل) وأنها سوف تقضي على كل المبادئ والقيم والأحكام، وتؤسس محلها مبادئ وقيماً وأحكاماً جديدة -أي: نظرة جديدة للكون والإنسان والدين- ولهذا تسمى في الغرب (
العصرية ) وقد ترجمت إلى (
الحداثة ) وهو مصطلح خادع، وقع في شباكه كثيرون، دون علم بما يحويه من مضمون.
فإن التحديث الذي يدعون إليه، ليس مقصوراً على اللغة والأدب -على ما في هذا من خطورة وهدم- ولكنه فلسفة ونظرة إلى الحياة والأخلاق والدين وكل شيء، وتغيير شامل للمفاهيم والأوضاع والأعراف، وثورة على كل سلطة حسية أو معنوية.
وإن نظرة عجلى على أسماء رواد هذا الاتجاه وعقائدهم، لتكشف عن أن وراءه خطة ذكية وأصابع خفية، وأن لهم غاية لا تخفى على أحد. وهؤلاء هم أشهر الرواد:
أدونيس : نصيري،
بدر شاكر السياب : كان شيوعياً، ثم عاد قانطاً لا يؤمن بشيء.
محمود درويش : نصراني شيوعي،
سميح القاسم : درزي شيوعي،
نزار قباني : وجودي إباحي،
عبد الوهاب البياتي : شيوعي.
وأن الذي يستدعي الانتباه حقاً، هو الترابط المتين بين أصحاب هذا الاتجاه في كل مكان، وكل مطلع على الحركة الأدبية المعاصرة في العالم الإسلامي يرى ذلك بوضوح.